سيد الأبنودى يكتب: ثروات مهملة ومعامل مهدمة.. دعوة لإنقاذ قطاع التعدين في مصر
مصر تمتلك ثروات هائلة من الموارد المعدنية والمناجم والخامات التعدينية، إلا أن هذه الثروات تظل غير مستغلة بشكل كامل بسبب العقبات والقيود التي تفرضها وزارتا التخطيط والمالية.
دعوة لإنقاذ قطاع التعدين في مصر
فما زالت هيئة الثروة المعدنية تُعتبر كيانًا خدميًا غير قادر على تمويل تطوير معداته وأصوله، مما يعيق استثمار هذه الموارد الوفيرة.
على سبيل المثال، المعامل المركزية في الدقي، التي كانت يومًا ما منارة للبحث والتحليل العلمي، تم هدمها منذ أكثر من عامين بهدف تطويرها.
هذه المعامل، التي حصلت على شهادة الأيزو 1725 وكانت مسجلة لدى منظمة الجودة العالمية، كانت تعد مرجعًا أساسيًا لتحليل العينات من قبل الجامعات المصرية مثل جامعة القاهرة والمركز القومي للبحوث ومراكز البحوث الزراعية.
ولكن اليوم، لم يعد لهذه المعامل وجود فعلي في ساحة البحث العلمي، حيث تحولت إلى جدران خاوية تسكنها الأشباح، بعد أن كانت مركزًا حيويًا يخدم المجتمع العلمي بأكمله.
داخل هذه المعامل، كانت توجد أجهزة تحليل عينات على أعلى المستويات العالمية، تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات، تشمل هذه الأجهزة الميكروسكوب الإلكتروني، وجهاز XRF، وجهاز XRD، بالإضافة إلى إدارة كاملة للكيمياء مخصصة لتحليل المياه واكتشاف البكتيريا، وتحليل عناصر الكيمياء المختلفة، كما كانت تحتوي على أجهزة لاختبار المواد وفصل المعادن، مما كان يجعلها أحد أهم المرافق العلمية في البلاد.
ورغم هذه الثروات والكنوز الوفيرة التي تمتلكها مصر، إلا أن استغلالها ما زال معطلًا بسبب التخبط الإداري والتشابكات البيروقراطية، بين الوزرات المعنية وكذلك تعدد الاختصاصات بين هيئة الثروة المعدنية والشئون القانونية بوزارة البترول، هذه الأخيرة، التي تفتقر إلى الخبرات الفنية اللازمة، هي التي تدير الآن شؤون التعدين في مصر، مما أدى إلى تعطل الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، حيث أصبح المستثمرون في حيرة من أمرهم، لا يعرفون إلى من يلجؤون لبدء استثماراتهم في قطاع التعدين المصري.
إنه من الضروري أن يلتفت وزير البترول، المهندس كريم بدوي، إلى هذه التحديات الجسيمة، ويتخذ إجراءات عاجلة وسريعة للحفاظ على ثروات مصر التعدينية، وضمان استغلالها بشكل صحيح يمكن أن يسهم في التنمية الاقتصادية للبلاد.
على الجانب الآخر، توجد معامل عالمية للذهب في مرسى علم تابعة لهيئة الثروة المعدنية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين هي هذه المعامل الآن؟ وماذا تم في شأن تطويرها؟ يبدو أن الواقع الحالي يظهر أن القائمين على قطاع التعدين في مصر يفتقرون إلى الخبرات الفنية والإدارية اللازمة لاستغلال هذه الثروات بشكل صحيح.
من هنا، يتوجب على القائمين على إدارة هذا القطاع الحيوي، ونقصد هنا وزارة البترول، أن يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأن يعملوا جاهدين على تطوير الكفاءات وتذليل العقبات البيروقراطية التي تعرقل استغلال هذه الثروات، حتى يمكن لمصر أن تجني ثمار ما تملكه من موارد طبيعية هائلة.
ترقبوا مقالاتنا القادمة حيث نستعرض تحديات قطاع التعدين في مصر، الفرص الضائعة، وسبل تجاوز العقبات لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، تابعونا لاستكشاف كيفية تحويل هذه التحديات إلى فرص واعدة لمستقبل أفضل.