سيد الأبنودى يكتب: وذكر فإن الذكرى تنفع المسؤولين في قطاعي البترول والتعدين
في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتصاعد فيه التحديات، يبقى تذكير المسؤولين في قطاع البترول بالقضايا الملحة والمعنية حاضراً دائماً، فالقطاعات الحيوية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني بشكل كبير، تستوجب حلاً جذرياً للمشاكل العالقة واهتماماً مستمراً لتطوير آليات العمل وتعزيز مرونة التنفيذ.
استنهاض همم المسؤولين في قطاعي البترول والتعدين
ورغم الجهود الحثيثة التي يبذلها المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، في مواجهة التحديات التي تعترض القطاع، فإن بعض المسؤولين في الوزارة والشركات يتحركون ببطء شديد، مما يعوق إيجاد حلول لأي مشكلات.
كما يبذل العديد من رؤساء الشركات جهودًا لحل المشكلات العالقة، إلا أنهم يصطدمون بتجاهل من مساعدي ومعاوني الوزير فيما يتعلق بالشؤون الإدارية، والهيكلية، والقانونية، وصناع القرار.
وفي هذا السياق، نستعرض خمس قضايا رئيسية تستحق الاهتمام العاجل من وزارة البترول:
القضية الأولى: الثروة المعدنية
تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية مستقلة، حيث لا تزال هيئة الثروة المعدنية تعاني من التشابك البيروقراطي، إذ ترتبط بأكثر من وزارة، مما يعيق مرونة عملها واستقلالية قراراتها.
وعلى الرغم من تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية تحويلها إلى هيئة اقتصادية، إلا أن هذا التحول لم يحدث بعد، مما يؤدي إلى استمرار قيود تعيق استغلال الثروات المعدنية لمصر بالشكل الأمثل، تحويلها إلى هيئة مستقلة تحت مظلة وزارة البترول، سيمنحها القدرة على اتخاذ قرارات سريعة واستراتيجية لتعظيم الاستفادة من موارد البلاد الغنية.
كما أنه ما زال مئات العاملين في هيئة الثروة المعدنية يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور لسنوات طويلة. من الضروري مراعاة هذا الوضع ومخاطبة وزارة المالية لمنحهم حقوقهم، وتجنب الروتين المتبع في الوزارة، حيث يمكن تحقيق ذلك إما من خلال توفير عقود ثابتة لهم أو زيادة رواتبهم عبر الشركات التابعة للهيئة والمشروعات المختلفة، بما يضمن لهم حياة كريمة وتقديرًا لجهودهم المبذولة.
القضية الثانية: عمالة شركة صيانكو
العاملون في شركة صيانكو، الذين وجدوا أنفسهم موزعين على محطات الوقود وشركات الغاز، كانوا يتطلعون إلى العودة لشركتهم الأصلية عند بلوغ سن الخمسين، لكن ذلك لم يتحقق، مما يتركهم في حالة من الإحباط والغموض حول مستقبلهم المهني، رغم أن درجة معظمهم الوظيفية هي “مدير إدارة”، فقد وافقوا على العمل كعمال تفويل في محطات الوقود، آملين في استعادة مواقعهم الأصلية. لكن مع تجاوزهم للسن المحدد وعدم عودتهم، تبرز الحاجة الماسة إلى وضع حلول تعيد لهم الأمل وتضمن الاستفادة المثلى من خبراتهم.
القضية الثالثة: تحسين أوضاع عمال المقاول والمياومية
أوضاع العمال المؤقتين وعمال اليومية، خصوصاً في شركات مثل تنمية، بتروجت، بترومنت، صان مصر، غاز مصر، خالدة للبترول، أبسكو، البتروكيماويات المصرية، تستدعي الانتباه العاجل. هؤلاء العمال، الذين تجاوزت خدماتهم عشر سنوات، يطمحون إلى تحسين ظروفهم المعيشية والاستقرار الاجتماعي لهم ولأسرهم. فهم عصب العمل في القطاع ويستحقون الاهتمام بحقوقهم وتوفير مناخ عمل مستقر وآمن.
كما يعمل آلاف العمال تحت مسمى “عمالة المقاول” منذ سنوات طويلة، دون أن يتمتعوا بالاستقرار الوظيفي أو الضمان الاجتماعي، يتعين على القطاع أن يسعى لتقنين أوضاعهم وتوفير عقود عمل ثابتة لهم، لا سيما لأولئك الأكثر كفاءة وإخلاصاً في العمل، وهذا ليس فقط من أجل تحقيق الاستقرار لهم وتحسين أوضاعهم الوظيفية، بل أيضاً لحفظ كرامتهم كأفراد وعمالة لا يُستهان بجهودها.
هذه الخطوة من شأنها أن تجنب القطاع خسائر مالية كبيرة تذهب إلى المقاول الوسيط دون أي جهد يُذكر، ما يضمن توفير ملايين الجنيهات التي يمكن استثمارها بشكل أفضل لخدمة هؤلاء العمال، وتوفير الحماية الاقتصادية والاجتماعية لهم، وخلق بيئة عمل محفزة للإنتاجية والابتكار، ترسخ روح الولاء والانتماء للقطاع وترفع من أدائه بشكل عام.
القضية الرابعة: عقود الاستغلال لشركات التعدين العالمية
من المفترض أن تكون شركات مثل سنتامين وباريك في طليعة القوى العالمية التي تستثمر في قطاع التعدين المصري، لكن بسبب تأخر توقيع عقود الاستغلال رغم مضي أكثر من عامين على التفاوض، لا تزال تلك الشركات غير قادرة على استثمار إمكانياتها في مصر، إن إتمام العقود ليس فقط خطوة لتقوية قطاع التعدين، بل رسالة إيجابية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
القضية الخامسة.. مزايدة الخامات التعدينية
مزايدات الخامات التعدينية المؤجلة لأكثر من عام، تحظى باهتمام واسع من المستثمرين الأجانب والمصريين، الذين يتوقون للاطلاع على تفاصيلها والمشاركة فيها، هذه المزايدات، حال طرحها بالشكل المناسب، يمكن أن تجلب استثمارات هائلة وتؤدي إلى انتعاش قطاع التعدين، مما يخلق فرص عمل ويزيد العوائد الاقتصادية للبلاد.
فى النهاية نحن نعيش في عصر يحتاج إلى تعاون وثيق وقرارات جريئة لحل المشكلات العالقة وتحفيز الابتكار والاستثمار، تذكير المسؤولين في قطاع البترول بهذه القضايا ليس فقط خطوة لتحسين الظروف الراهنة، بل هو نداء لرؤية أعمق للمستقبل؛ رؤية تؤمن بأهمية استغلال موارد مصر بحكمة لتحقيق مستقبل اقتصادي مزدهر ومستدام.