سيد الأبنودي يكتب: تحديات قطاع التعدين.. هل يستجيب وزير البترول لمناداة أبو مروات؟
في أروقة قطاع التعدين المصري، تخيم أجواء الإحباط واليأس على العاملين والشركات بسبب الإجراءات التي تتسم بالبطء الشديد، والتي قد تؤدي إلى إثارة استياء المستثمرين وربما دفعهم للانسحاب، خصوصًا بعد تعثر توقيع الاتفاقيات مع شركتي باريك وسنتامين، وهما من أبرز الأسماء في عالم التعدين العالمي.
هل يستجيب وزير البترول لمناداة أبو مروات؟
في سياق متصل، تعثرت هيئة الثروة المعدنية في عقد اجتماع الجمعية العمومية لشركة مناجم ذهب أبو مروات، التي تأسست بحضور المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، كمشروع مشترك بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وشركة أتون مايننج إنك الكندية.
كانت تلك الخطوة مفترق طرق للبدء في أعمال الاستكشاف والاستغلال للذهب في منطقة أبو مروات بالصحراء الشرقية، حيث تستثمر الشركة الكندية في البحث عن الذهب والمعادن المصاحبة.
ومع ذلك، لم تقم هيئة الثروة المعدنية بعقد الجمعية حتى الآن، ويرجع ذلك إلى تضارب القرارات والاختصاصات بين الهيئة والشؤون القانونية بوزارة البترول، إذ يصر البعض على ضرورة حضور وزير البترول الجمعية الأولى للشركة، في حين يرى آخرون ضرورة عقدها لاستكمال الهيكل التنظيمي ولائحة الشركة لبدء تنفيذ الأعمال، وفي خضم هذا التعقيد، تتعطل الاستثمارات التعدينية في مصر لعدم وجود قرار حاسم في هذا الأمر.
إن هذه الاستراتيجيات المترددة والمعقدة لم تنجح في رسم صورة جذابة أمام المستثمرين، وبدت كمجرد سحابة صيف عابرة لا تلبث أن تزول.
من هنا، نوجه نداءً عاجلاً إلى المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، للإسراع في إتمام الجمعية العمومية لشركة مناجم ذهب أبو مروات، سواء بحضوره شخصيًا أو من ينوب عنه كرئيس للهيئة، لكي يتم البدء في تنفيذ الأعمال والإنتاج ووضع اللائحة الداخلية للشركة.
وفي ظل السعي الدؤوب الذي يقوم به المهندس كريم بدوي المحترم كوزير للبترول والثروة المعدنية، والذي يعمل بلا كلل أو ملل، متحملاً أعباءً جسيمة لتعزيز مكانة مصر في مجال الطاقة، من خلال توفير الغاز والمنتجات البترولية وجذب الاستثمارات الدولية الرئيسية، لا شك أنه يبذل جهودًا جبارة لرفعة هذا القطاع الحيوي.
إننا، كصحفيين ومراقبين ومحللين للساحة الاقتصادية، وخصوصًا في مجالي البترول والثروة المعدنية، ندرك عمق التحديات، ونقدر عالياً هذه الجهود المتواصلة التي تسهم في إبراز قطاع البترول المصري كنقطة محورية على خارطة الاقتصاد العالمي.
مع ذلك، وبينما نثمن هذه الانجازات العظيمة، لا يمكننا إغفال حالة قطاع التعدين، الذي يظل بعيداً عن هذا الضوء الذي يسطع على نظيره في البترول، لقد بات من الضروري أن يُولى هذا القطاع، الغني بالفرص والإمكانيات، مزيداً من الاهتمام والعناية.
إن الأمل يحدونا في أن يجد المهندس كريم بدوي، بحكمته ورؤيته الثاقبة، الفرصة لتوجيه النظر نحو قطاع التعدين، ليس فقط لإصلاح ما قد يكون قد شابه من تقصير، ولكن لإعادة تشكيل مستقبله بما يضمن استقرار الأوضاع ويحقق الاستغلال الأمثل للموارد.
كما ينبغي أن يُنظر الوزير إلى التعدين كجزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الاقتصادية الشاملة للبلاد، حيث يمكن أن يسهم بفاعلية في الناتج المحلي ويعزز من مكانة مصر كلاعب رئيسي في الأسواق العالمية للمعادن.
بقدر ما يستحق قطاع البترول الاحتفاء والدعم، يستحق قطاع التعدين أيضاً نظرة فاحصة وإجراءات مدروسة تحفز على الاستثمار والتطوير.
لذا، نتوجه بنداء إلى المهندس كريم بدوي، أن يعمل على تهيئة البيئة اللازمة لنهضة قطاع التعدين، تماماً كما عمل بجهد وإخلاص لتطوير قطاع البترول.
فليكن هذا التحدي الجديد فرصة لإثبات أن مصر لا تدخر جهداً في استغلال كل ما تزخر به من موارد طبيعية، بطريقة تضمن أعلى معدلات العائد والفائدة لكل مواطن في هذا الوطن.
كذلك، نطالب الوزير بتكوين مجلس وطني للثروة المعدنية، يضم خبراء من الاقتصاد والأمن القومي والمالية والبيئة وجيولوجيين ومهندسين تعدين من كبار قادة الفكر والجيولوجية في مصر، بالإضافة إلى الاستعانة بخبراء دوليين، لرسم خريطة طريق واضحة للثروة المعدنية في مصر وكيفية استغلالها بأفضل شكل ممكن.