رسالة إلى المسؤولين: كيف تُعطل ماي جاس الصناعة وتثقل كاهل الدولة؟
المصانع تنتظر والعمال يعانون.. أين الغاز يا ماي جاس؟
في زمن تتناوب فيه التحديات الاقتصادية وتتسابق الدول على تعظيم مواردها الداخلية وتخفيض نفقاتها، يعد الاهتمام بقطاعات الإنتاج المحلي ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني.
كيف تُعطل ماي جاس الصناعة
ولعل صناعة الطوب الطفلي إحدى الحلقات الواعدة في سلسلة الصناعات المصرية، إذ لا تقتصر قيمتها على ما تدره من أرباح مادية فحسب، بل تتعداها لتشمل خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة لآلاف العمال، ومن ثم تحسين أوضاع أسرهم وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
إضراراً مباشراً بالاقتصاد الوطني والبيئة
وفي هذا السياق، برزت أزمة قد لا تبدو في ظاهرها أكثر من خلل تعاقدي بين المستثمرين وإحدى شركات توصيل الغاز الطبيعي، لكنها في حقيقتها تمثل إهداراً لفرصة تنموية ثمينة، وإخلالاً بمبادئ الشفافية والالتزام، بل وإضراراً مباشراً بالاقتصاد الوطني والبيئة.
شركة «ماي جاس» (My Gas)
إن الحديث هنا يدور حول شركة «ماي جاس» (My Gas) التي لم تفِ بوعودها في توصيل الغاز الطبيعي إلى مجموعة من مصانع الطوب الطفلي الواقعة في منطقة كفر حميد بالعياط، محافظة الجيزة، رغم استيفاء الشركات لمتطلبات السداد وإجراء المقايسات التقديرية اللازمة منذ شهور طويلة.
تكلفة توصيل الغاز للمصانع
تعود جذور القضية إلى اتفاق عقد منذ شهر إبريل 2023، حيث تم تقدير تكلفة توصيل الغاز لكل مصنع بحوالي 3 ملايين و100 ألف جنيه مصري، وبعملية حسابية بسيطة، فإن كلفة توصيل الغاز لعدد 20 مصنعاً تبلغ 62 مليون جنيه، تم بالفعل تسديد 50 مليوناً منها لدى البنك الأهلي – فرع حلوان.
4000 عامل
هذه المصانع، التي تشكل رافداً إنتاجياً مهماً، توظف قرابة 4000 عامل، يعولون ما يزيد عن 12 ألف فرد، ما يجعلها كتلة بشرية منتجة تسهم في تقليل عبء البطالة عن كاهل الدولة.
تكاليف باهظة تتحملها الدولة
ورغم توقيع التعهدات الرسمية وتوفير كافة المستندات، امتنعت «ماي جاس» حتى اليوم عن ضخ الغاز إلى المصانع، لتتحول وعودها إلى سراب تُطارده عجلات الإنتاج المعطلة، وفي حين كان من المأمول أن تصبح هذه المصانع نموذجاً لنجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص في استثمار موارد البلاد وتحسين أداء الصناعات التحويلية، وجدنا أنفسنا أمام مشهد يتكرر فيه سيناريو إهدار الفرص: فتوقف ضخ الغاز يدفع المصانع – مكرهة لا مخيرة – إلى اللجوء للمازوت المستورد، ما يُحمل ميزانية الدولة تكاليف إضافية باهظة، ويزيد الطلب على العملات الأجنبية، فضلاً عمّا يسببه المازوت من آثار بيئية سلبية بفعل انبعاثات الكربون والتلوّث.
من يحاسب الشركة
هنا يستوجب طرح السؤال: من يساند هذه الشركة في تجاهلها للاتفاقات؟ ومن يحاسبها على تعطيلها لعجلة الإنتاج والاستثمار؟ إن تقديم الأعذار والمماطلة في تنفيذ الالتزامات الموقعة ليس مجرد تصرف إداري أو خطأ داخلي، بل هو إخلال بثقة المستثمرين، ووأدٌ لفرص التنمية، وتعطيل لطاقات هائلة كان بإمكانها رفد الاقتصاد الوطني بمنتجات قابلة للتصدير، وتوفير العملة الصعبة للبلاد، ودعم الميزان التجاري.
مضاعفة التكاليف
والأمر من ذلك، إقدام شركة “ماي جاس” على المطالبة بمضاعفة التكاليف من 3 ملايين و100 ألف جنيه للمصنع الواحد إلى أكثر من 5 ملايين جنيه، ضاربة بعرض الحائط كافة التقديرات والمقايسات والمبالغ التي دفعت مسبقاً.
رسالة سلبية لكل للمستثمرين
هذه الممارسات، إن لم تجد رادعاً رسمياً وحاسماً، فسترسل رسالة سلبية لكل مستثمر محلي أو دولي، بأن الالتزام التعاقدي في مصر قد لا يكون مضموناً، وأن الإطار التنظيمي قد يفشل أحياناً في حماية حقوق الممولين والمستثمرين، خصوصاً أولئك الذين يسعون لتوفير فرص عمل وتحقيق قيمة مضافة للبلاد.
رسالة إلى رئيس الوزراء ووزير البترول
إننا اليوم نوجه رسالة عاجلة إلى كل من وزير البترول والثروة المعدنية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير والصناعة، ورئيس مجلس إدارة إيجاس وإلى الجهات الرقابية المعنية بمتابعة ومحاسبة هذا النوع من التصرّفات غير المسؤولة، فالمسألة تتعدى مجرد خلاف مالي بين شركة توصيل غاز ومصانع، بل هي قضية ذات أبعاد استراتيجية تمس الاقتصاد القومي مباشرة.
تحقيق العدالة وحماية حقوق الأطراف
كما إن ضمان وفاء الشركات بالتزاماتها واحترامها للاتفاقات والعقود الموقعة ليس ترفاً إدارياً، بل ضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية، وصيانة الثقة في مناخ الاستثمار، وتحقيق العدالة وحماية حقوق الأطراف كافة.
تعطيل ضخ الغاز الطبيعي للمصانع
إن تعطيل ضخ الغاز الطبيعي، رغم توافره في محطات الضغط والرفع بالمنطقة، وإصرار “ماي جاس” على زيادة التكاليف بعد السداد، يعد خرقاً جسيماً للاتفاق ويشكل نموذجاً صارخاً لسوء الإدارة والإضرار بالمصلحة العامة.
تخفيف العبء المالي عن الدولة
فهذه المصانع التي تنتظر ضخ الغاز، ليست مجرد هياكل خرسانية، بل كيانات اقتصادية تنبض بالحياة، تنتظر فرصة الانطلاق إلى الأمام، ودفع عجلة الإنتاج والتصدير، والمساهمة في تخفيف العبء المالي عن الدولة بتقليص الاستيراد، وتحسين مستوى الدخل للآلاف من الأسر العاملة فيها.
حماية حقوق المستثمرين والعاملين
اليوم، ونحن نرى فصول هذه المأساة تتكرر، لا بد من وقفة حازمة، إن أي سياسة اقتصادية ناجحة تستند إلى قدرتها على خلق بيئة عمل مستقرة وعادلة، تشجع على الاستثمار، وتحمي حقوق المستثمرين والعاملين.
نأمل أن يتدخل المسؤولون
لذا، نأمل أن يتدخل المسؤولون على أعلى المستويات لوضع حد لهذا التعطيل المستمر، وإلزام “ماي جاس” بتنفيذ تعهداتها وفق الاتفاقيات الموقعة، وإعادة التوازن إلى معادلة الاستثمار والإنتاج بما يخدم المصلحة العامة ويحقق الرخاء للوطن والمواطن.
شاهد أيضا:
رئيس إيجاس يقود جولة ميدانية في حقل شمال غرب سيدي غازي
في الختام، ليس المطلوب سوى الإنصاف والشفافية واحترام الالتزامات، فقد آن الأوان لوضع حد لحالة التراخي والمماطلة، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بفرص التنمية الاقتصادية وتطلعات الشباب والعمال، وكل من يضع العراقيل أمام استثمار يعد أساساً قوياً للتنمية المستدامة.