سيد الأبنودى يكتب: نحن لا نزرع الشوك ولا سلام مع إسرائيل
عبارة “لا سلام مع إسرائيل” قد تبدو للوهلة الأولى بمثابة نداء صارخ يرفض فكرة السلام جملة وتفصيلاً، لكن، عند التأمل العميق في معانيها ودلالاتها، يتضح أنها ليست رفضًا للسلام ذاته، بل هي تعبير عن رغبة جامحة في تحقيق سلام عادل وشامل يعيد الحقوق إلى نصابها، ويضع حدًا للظلم والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
لا سلام مع إسرائيل
مصر، بتاريخها الطويل وموقعها الجيوسياسي الحيوي، لعبت دورًا لا يمكن إغفاله في مسار القضية الفلسطينية، فمنذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد عام 1978، ومصر تسعى جاهدة لتكون جسرًا يعبر من خلاله الشرق إلى ضفاف السلام العادل، لم تكن مصر في يوم من الأيام مجرد طرف يبحث عن الأمان لنفسه فحسب، بل كانت دومًا صوتًا يدعو إلى السلام الشامل الذي يحترم حقوق الإنسان ويعيد للشعوب حقوقها وكرامتها.
السلام الذي تنشده مصر ليس سلام القوى والمصالح السياسية الضيقة، بل هو سلام الشعوب الذي ينبني على أسس العدالة والمساواة، سلام ينتهي به الاحتلال، وتعود فيه الحقوق إلى أصحابها، وتُحترم فيه السيادة والهوية الثقافية والتاريخية لكل شعب.
في الطريق نحو هذا السلام، تؤمن مصر بأن الحوار والتفاهم المتبادل هما السبيل الأمثل لتجاوز العقبات، لكن، لا يمكن لهذا الحوار أن يثمر ما لم يُبنَ على احترام الحقوق والتعامل مع القضايا العادلة بمنتهى الجدية والصدق.
إن شعار لا سلام مع إسرائيل، إذًا، ليست جملة تدعو إلى الحرب أو تغذي الكراهية، وليس كرفض مطلق لفكرة السلام بل هي صرخة تطالب بالعدالة وتنشد سلامًا حقيقيًا يعمّ الجميع بلا استثناء، مصر، بدورها التاريخي وجهودها المستمرة، تظل صوتًا داعيًا لهذا السلام، مؤكدة على أن الطريق إلى الأمان والاستقرار في المنطقة والعالم يمر عبر بوابة العدل والمساواة.
شاهد أيضا:
تخرج نجل مدبولي.. ومستقبل التعليم المصري
المعضلة التي يطرحها هذا الشعار تكمن في تأويله وفهمه بمنطق ثنائي بسيط، حيث يُنظر إلى السلام عادة على أنه مفهوم مطلق، إما أن يكون موجودًا أو غائبًا، لكن، في جوهر هذه الدعوة، يكمن تأكيد على أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتجلى إلا في ظل العدالة والاعتراف المتبادل بالحقوق والكرامة الإنسانية، إنه يرفض فكرة السلام القائم على الاستسلام والتنازلات غير المتكافئة، ويدعو إلى إنهاء الاحتلال والظلم كشرط أساسي لأي تسوية سلمية.
من هذا المنطلق، تظل الدعوة إلى “لا سلام مع إسرائيل” دون حل عادل للقضية الفلسطينية، تذكيرًا مستمرًا بأن السلام لا يمكن أن يبنى على أسس متزعزعة من الظلم وإنكار الحقوق،إنها تحث المجتمع الدولي والأطراف المعنية على إعادة النظر في مقارباتهم للسلام والصراع في الشرق الأوسط، والعمل معًا نحو حل يحقق العدالة والمساواة لجميع الشعوب المعنية.
في ظل هذا السعي المستمر نحو السلام، تبقى مصر وغيرها من الدول الداعمة للعدالة الدولية، شواهد على الإيمان بإمكانية تحقيق سلام عادل يرتكز على الاحترام المتبادل والتعايش السلمي، بعيدًا عن أطياف الهيمنة والاستغلال، إن السلام الذي يُبنى على العدل والإنصاف ليس مجرد حلم، بل ضرورة إنسانية يجب أن تسعى الإرادة الجماعية لتحقيقها.
في قلب العاصفة، وبينما تتوهج الأرض بنار الغضب، تسعى مصر بصبر الحكماء وحنكة السلام، تنثر بذور الأمل في تربة يبدو أن اليأس قد استوطنها، حيث تلعب دبلوماسية مصر، ذلك الجسر الذي لا يمل من محاولات رأب الصدع، وتلك اليد التي تحمل المساعدات عبر المعابر، لتخفف من وطأة الحصار وتضمد جراح الأبرياء، ونحن لا نزرع الشوك، هذا ليس مجرد شعار أيضاً، بل هو مبدأ تعيشه مصر وتنفذه على أرض الواقع، خاصة في أوقات الأزمات.
مصر كانت من أولى الدول التي فتحت معابرها لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة، المستشفيات المصرية استقبلت جرحى الحرب، وقدمت الرعاية الطبية العاجلة لهم، كما أرسلت مصر قوافل من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات في غزة لتخفيف وطأة الأزمة.
وبجانب الدعم الطبي، أرسلت مصر أطنانًا من المواد الغذائية والإغاثية إلى القطاع المحاصر، هذه المساعدات تعكس التزام مصر بدعم الشعب الفلسطيني في محنته وتأمين احتياجاته الأساسية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، لعبت مصر دورًا محوريًا في محاولات التوسط لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان، الدبلوماسية المصرية نشطة في المحافل الدولية لشرح الوضع الإنساني في غزة والضغط من أجل حل يحقق العدالة والسلام.
لمزيد من المقالات على فيس بوك (اضغط هنا)
لم يقتصر الدعم على الحكومة المصرية فحسب، بل إن الشعب المصري أظهر تضامنًا كبيرًا مع إخوانه في غزة، حملات التبرعات والدعم الشعبي تجسد الروابط الأخوية العميقة بين الشعبين.