مدبولي والمستثمرون.. لقاء رائع ولكن أين التعدين؟
في خطوة تعكس وعي الدولة العميق بأهمية القطاع الخاص كقاطرة محورية لدفع عجلة الاقتصاد المصري، أطلق دولة رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، حوارًا موسعًا مع نخبة من رجال الأعمال والمستثمرين.
مدبولي والمستثمرون.. لقاء رائع ولكن أين التعدين؟
لقاء حمل إشارات صادقة وواضحة على إدراك القيادة السياسية لضرورة تهيئة مناخ استثماري مرن وشامل يستجيب لتطلعات المستثمرين ويتغلب على التحديات التي تعترض طريقهم.
في غياب التعدين… سؤال لا يمكن تجاهله
ومع كل هذا الزخم الذي غلف اللقاء، وبرغم دعوة مدبولي الصريحة إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية، كان هناك غياب لافت لقطاع التعدين والثروة المعدنية، ذلك القطاع الذي يمثل العمود الفقري للكثير من الصناعات الاستراتيجية، والذي تمتلك مصر فيه كنوزًا لا تقدر بثمن، تنتظر فقط من يزيل عنها الغبار ويحولها إلى قيمة اقتصادية مضافة.
التعدين ليس مجرد قطاع ثانوي أو هامشي يمكن التغاضي عنه، بل هو شريان حيوي يرتبط بصناعات رئيسية كالبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وصناعة البناء، وحتى السياحة الجيولوجية التي يمكن أن تكون مصدر جذب جديد للسياحة في مصر، فكيف يمكن للاقتصاد المصري أن ينهض دون أن يكون هذا القطاع الحيوي حاضرًا على طاولة الحوار؟
ثروات الأرض… إمكانيات هائلة تنتظر التفعيل
كما أن الأرقام وحدها تكفي لإبراز أهمية التعدين، إذ تشير الإحصاءات إلى أن صادرات مصر من الذهب والخامات التعدينية تتجاوز 100 مليار جنيه سنويًا، منجم السكري وحده يُسهم بنحو 65 مليار جنيه، بينما تضيف صادرات الفوسفات أكثر من 5 مليارات جنيه إلى الخزانة العامة، ومع ذلك، تبقى هذه الثروات مجرد بداية لما يمكن تحقيقه إذا تم استغلال الإمكانيات الكاملة لهذا القطاع بالشكل الأمثل.
قطاع التعدين
كما أن التحديات التي تواجه قطاع التعدين لا تقف عند حدود القوانين أو اللوائح، فهي تمتد إلى غياب الرؤية الاستراتيجية الشاملة التي تجمع بين استغلال الموارد الخام وتعظيم القيمة المضافة.
هنا يأتي دور القيادة السياسية ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في توجيه البوصلة نحو هذا القطاع الحيوي، ووضعه في قلب الأجندة الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة.
دعوة صادقة لرئيس الوزراء
إننا اليوم أمام ضرورة ملحة لدعوة رئيس الوزراء إلى فتح حوار خاص وموسع مع مستثمري قطاع التعدين، دعوة يجب أن تشمل الشركات العالمية العاملة في مصر مثل تلك التي تحقق نجاحات ملموسة في التنقيب والإنتاج، وأخرى ترغب في دخول السوق المصرية برؤوس أموال وتقنيات حديثة قادرة على استغلال الثروات بكفاءة.
كما أن الحوار يجب أن يضم رجال صناعة التعدين والقيمة المضافة، الذين يمكنهم تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية تعظم من عوائد هذا القطاع.
هذه الدعوة يجب أن تتزامن مع وضع خارطة طريق واضحة المعالم، تحدد فيها الأولويات، وتزيل العوائق البيروقراطية التي تعرقل الاستثمار، وتفتح المجال لتعاون مرن وفعال بين الدولة والمستثمرين، خارطة طريق تضمن تسهيل إجراءات التراخيص، وتحسين شروط التعاقد، وتوفير حوافز تشجيعية تجعل من مصر وجهةً جاذبة للاستثمارات التعدينية.
استثمارات جديدة تنتظر الاهتمام
الاهتمام بقطاع التعدين لا يعني فقط زيادة الإنتاج أو تحسين الميزان التجاري، بل يمتد إلى توفير فرص العمل، خاصة في المناطق النائية التي تحتضن هذه الثروات.
كما أن ضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع يمكن أن يفتح أبوابًا واسعة للتنمية المستدامة، حيث يتم دعم المجتمعات المحلية وتحسين مستوى المعيشة فيها.
اهتمام حكومي حقيقي
إننا على يقين أن لقاءًا واحدًا لرئيس الوزراء مع مستثمري التعدين كفيل بأن يحدث فرقًا كبيرًا، مجرد إظهار اهتمام حكومي حقيقي بهذا القطاع سيبعث برسائل طمأنة قوية للمستثمرين، ويدفعهم لضخ استثمارات جديدة، مما يسهم في تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني.
لقاء الحكومة مع المستثمرين
ومع اقتراب عام 2025، تتعاظم الآمال في أن تستدعى ثروات التعدين إلى طاولة الحوار، جنبًا إلى جنب مع القطاعات الاقتصادية الأخرى، حينها فقط، يمكن للقاءات الحكومة مع المستثمرين أن تحمل طابعًا أكثر شمولًا، ويكتمل المشهد الاقتصادي لتغدو مصر نموذجًا للتكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية.
كنوز الأرض تنتظر دورها
في حضرة مدبولي والمستثمرين، رأينا لقاءً رائعًا وحوارًا مثمرًا، ولكن الثروة المعدنية، ذلك الكنز المدفون تحت أقدامنا، لا تزال تنتظر دعوتها إلى المشهد، فلتكن هذه الدعوة الخطوة التالية في مسيرة التنمية، ولتكن بداية حقيقية لتحويل كنوز الأرض إلى شريان حياة يدعم طموحات الوطن والمواطن.