منجم فحم المغارة.. أمل جديد لإنعاش الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية بسيناء
منجم فحم المغارة، بعد مرور تسعة عشر عامًا على قرار تصفية شركة سيناء للفحم، تبرز الحاجة الماسة لإعادة النظر في هذا القرار وتحليل تداعياته الاقتصادية والفنية على مصر، وخاصة في منطقة شمال سيناء الحيوية، حيث تُعد شركة سيناء للفحم، واحدة من أقدم الشركات التعدينية التابعة للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، رمزًا للاستثمارات القومية التي استهدفت استغلال فحم المغارة بأقصى كفاءة على مدار عقود، إلا أن قرار التصفية الذي تم اتخاذه في عام 2005 لم يحقق الأهداف المرجوة، بل أسفر عن تراكم خسائر مالية وزيادة الدين العام، إضافة إلى هدر فرصة استغلال احتياطي ضخم من الفحم يُقدر بنحو 21 مليون طن.
منجم فحم المغارة
في ظل هذه الظروف، تتصاعد الدعوة لإعادة تشغيل شركة سيناء للفحم كخطوة استراتيجية لتعويض الخسائر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في سيناء، كما تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة النظر في القرار السابق، مستندةً إلى الأهمية الاقتصادية والفنية لقطاع التعدين واستغلال الموارد الطبيعية الوفيرة في سيناء، وعلى رأسها فحم المغارة الذي يمثل ركيزة أساسية للطاقة في المنطقة.
شركة النصر لصناعة السيارات
وتأتي إعادة إحياء مشروع فحم المغارة بالتزامن مع نجاح شركة النصر لصناعة السيارات، التي عادت بقوة إلى الساحة الصناعية بعد توقف دام نحو خمسة عشر عامًا، حيث شهدت الشركة مؤخرًا تدشين أول أتوبيس من إنتاجها، خلال احتفالية حضرها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، إلى جانب وزيري قطاع الأعمال العام والكهرباء.
300 أتوبيس سنويًا
وأعلنت الشركة عن خطتها الطموحة لإنتاج أتوبيس يوميًا، بما يعادل نحو 300 أتوبيس سنويًا، في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في قطاع الصناعة الوطنية وتساهم في تعزيز قدرات الإنتاج المحلي بشكل ملحوظ.
21 مليون طن احتياطي مؤكد
ويضم منجم فحم المغارة احتياطيًا تعدينيًا مؤكدًا يبلغ حوالي 21 مليون طن، وهو ما يشكل مصدرًا هامًا للطاقة الحرارية يمكن توجيهه لدعم قطاعات حيوية مثل قطاع الأسمنت ومحطات الكهرباء.
إنتاج سنوي 600 ألف طن
كما يبلغ متوسط سمك الطبقة الرئيسية للفحم 135 سنتيمترًا، مع إنتاج سنوي متوقع يصل إلى 600 ألف طن، وقبل قرار التصفية، كان منجم المغارة جاهزًا للعمل بكامل طاقته، حيث كانت الممرات التحت سطحية والمعدات الأساسية ومحطة غسيل الفحم مجهزة للتشغيل بكفاءة عالية.
خسائر قرار التصفية
ومنذ صدور قرار التصفية في عام 2005، لم تُنهِ الإجراءات القانونية والمالية عملية التصفية، مما أدى إلى تفاقم الخسائر المالية بدلاً من تقليلها، وعانت الشركة من نقص حاد في السيولة، حيث تم حجز كافة أصولها من قبل الجهات الدائنة، مما جعل من المستحيل تصفية الشركة أو حتى إعادة تشغيل المنجم، بالإضافة إلى ذلك، أدى إغلاق الشركة إلى فقدان 1150 عاملًا كانوا يعتمدون على عملهم في الشركة، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المحلي وزاد من معدلات البطالة في المنطقة.
خطة متكاملة لإعادة التشغيل
ولإعادة تشغيل شركة سيناء للفحم وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، يوجد مقترح خطة متكاملة تتضمن عدة خطوات عملية:
1- إلغاء قرار التصفية:
كما يجب اتخاذ إجراءات قانونية فورية لإلغاء قرار الجمعية العامة للشركة الصادر في 23 مايو 2005، ووقف تراكم الخسائر المالية المستمرة.
2- تحديث دراسات الجدوى الاقتصادية:
بناءً على بيانات من عام 1990، يتطلب الأمر تحديث دراسات الجدوى لضمان جدوى استخراج الفحم في ظل الأسعار الحالية والتقنيات الحديثة.
3- تطوير البنية التحتية:
كما يشمل ذلك إعادة تأهيل المعدات التحت سطحية المتضررة من الإهمال وغمر المياه، وتحديث محطة غسيل وتجهيز الفحم، بالإضافة إلى إعادة تجهيز محطة توليد الكهرباء لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل المنجم.
4- التسويق والتصدير:
وضع خطة تسويقية محلية ودولية للفحم المنتج، تشمل دراسة الأسواق المحلية مثل مصانع الأسمنت ومحطات الكهرباء، بالإضافة إلى الأسواق الدولية التي يمكن أن تستفيد من فحم المغارة، كما يجب أيضًا تحسين البنية التحتية لميناء العريش لزيادة قدرته الاستيعابية وتسهيل عمليات التصدير.
5- معالجة الديون والخسائر:
التفاوض مع الجهات الدائنة لتخفيض الديون أو إعادة هيكلتها، مما يتيح إعادة تشغيل الشركة دون ضغوط مالية كبيرة، يمكن أيضًا تحويل بعض الديون إلى استثمارات مباشرة في المشروع.
6- التعاون مع القطاع الخاص:
دعوة المستثمرين من القطاع الخاص، سواء محليين أو دوليين، للمشاركة في إعادة تشغيل المنجم، مما يقلل من العبء المالي على الدولة ويحقق تعاونًا مثمرًا بين القطاعين العام والخاص.
ولإنجاح خطة إعادة التشغيل، نوصي باتخاذ القرارات التالية:
– تشكيل لجنة مستقلة تضم ممثلين عن وزارة البترول والثروة المعدنية، وزارة المالية، والبنك المركزي، لمتابعة إعادة تشغيل الشركة وضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
– توفير الدعم المالي المطلوب من خلال منح أو قروض ميسرة لإعادة تأهيل البنية التحتية والمعدات.
إمكانية وضع مقترحات إضافية لإعادة التشغيل:
1- إنشاء محطة كهرباء بالفحم:
الاستفادة من الفحم المنتج محليًا لتوليد الكهرباء في منطقة المنجم، مما يساهم في تخفيض تكاليف الطاقة وزيادة الجدوى الاقتصادية للمشروع، بالتنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
– إعادة تقييم الاحتياطي:
إجراء تقييم جديد للاحتياطي بواسطة خبراء دوليين لضمان دقة البيانات وتقديم صورة أوضح للمستثمرين المحتملين حول الإمكانات الفعلية للمنجم.
3- التوسع في النشاط التعديني:
توسيع نشاط شركة سيناء للفحم ليشمل استخراج خامات معدنية أخرى متوفرة في منطقة المغارة مثل الحجر الجيري والجبس، مما يزيد من موارد الشركة ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات المالية.
توفير فرص عمل وزيادة الدخل القومي
كما يمثل منجم فحم المغارة مشروعًا استراتيجيًا ذا أهمية اقتصادية كبرى ليس فقط لشمال سيناء، بل للاقتصاد المصري ككل، إن إلغاء قرار التصفية وإعادة تشغيل الشركة سيسهمان في تحقيق العديد من الأهداف القومية، منها تطوير سيناء، توفير فرص عمل، تقليل الاعتماد على استيراد الفحم، وزيادة الدخل القومي.
استثمار في مستقبل سيناء
كما إن الاستثمار في منجم فحم المغارة ليس مجرد إعادة إحياء لشركة سيناء للفحم، بل هو استثمار في مستقبل سيناء واقتصاد مصر بشكل عام.
إعادة تشغيل المنجم
لقد حان الوقت لاتخاذ خطوات جادة وحاسمة لإلغاء قرار التصفية والبدء فورًا في إعادة تشغيل المنجم، بما يضمن الاستفادة القصوى من الموارد الوطنية المتاحة، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في منطقة سيناء التي تعتبر ذات أهمية استراتيجية على كافة الأصعدة.
عودة شركة سيناء للفحم ممكنة
كما يمثل منجم المغارة قصة استثمار لم تكتمل بعد قرار تصفيته أضاع فرصًا اقتصادية واجتماعية كبيرة، لكن إعادة النظر في هذا القرار اليوم قد يكون بداية فصل جديد للاستفادة من هذا المورد الوطني، إذا كانت عودة شركة النصر لصناعة السيارات ممكنة، فلماذا لا تكون عودة شركة سيناء للفحم ممكنة أيضًا؟
شاهد أيضا:
عاجل إلى وزير البترول .. سيد الأبنودي يكتب: صرخة في وجه الظلم والتهميش
الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية، ودعم حكومي، ورؤية شاملة تضع في الاعتبار الأهمية الاستراتيجية لفحم المغارة، ليس فقط كمورد للطاقة، بل كركيزة لتنمية شمال سيناء ودعم الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات العالمية.