هالة الدسوقي تكتب: الدواء .. فيه سمُ قاتل !!
هالة الدسوقي
لا ينسى أحدنا هذا النداء الذي تكرر في فيلم “” حياة أو موت ” التى أطلقها الفنان الراحل يوسف وهبى لإنقاذ حياة مريض برسالة تقول “لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه، الدواء فيه سم قاتل”.
ويعرض هذا الفيلم الشهير قصة إنسانية لمريض لا يجد علاجه سوى في عدد قليل من الصيدليات .. وتسير أحداث الفيلم في قالب تراجيدي بطلتها طفلة تنجح في الوصول لدواء والدها ولكن بعد رحلة عذاب .. لكنها تحصل عليه فيه سمُ قاتل .. وأنتم تعلمون باقي القصة.
رحلة العذاب التي عاشتها تلك الطفلة نعيشها نحن الآن وبقوة.. فمن النادر أن تجد روشتة دكتور متوفرة كاملة بالصيدليات تلك الأيام، ويضطر أهل المريض اللجوء للبديل -إن وٌجد – ويدور الناس في “كعب داير” للحصول على الدواء، بل ما يتجرعونه من معاناة هو بعينه “السم القاتل”.
حقيقة .. بعض الأدوية تختفي تماما فلا نجد لها أثر، ويزداد الأمر سوءً خاصة في حالة الأمراض المزمنة، التي تصبح فيها حياة المريض في خطر فحرمانه من علاجه لا يعني له سوى “الموت”.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة ..ما السر وراء اختفاء الأدوية؟
السر وراء ذلك .. موضة لا يغفلها أحد في مصر، يختفي الدواء من كافه الصيدليات ويعاني المريض الآمرين ويلجا الى البدائل – إن وجدت – وفي النهايه يظهر الدواء ولكن بسعر أعلى.
إنها يا سادة التجارة بصحة الناس وبأعصابهم وبحياتهم، وللأسف كل تفاصيل حياتنا أصبحت تجارة يحكمها قانون العرض والطلب، و”حسن السوق ولا حسن البضاعة”.
ولكن ألا ترون أن الدواء سلعة إنسانية بحتة من المفترض ألا تُمس وألا يتلاعب بها أحد، فكيف لمريض أن يصبر على عدم وجود دواءه.
ولا أرى داعٍ لتلك اللعبة القذرة، فالناس في مصر الآن أصبحت متقبلة ارتفاع الأسعار المستفز بصدر رحب، فلا أحد يعترض فالسلع أسعارها خيالية والخدمات أصبحت “منزوعة الدعم” والناس تدفع وتتقبل دون اعتراض .
إذا شركات الدواء لا تحتاج لتلك الحيلة ليس من منطلق الإنسانية أو الرحمة ولكن طبقا لمبدأ التجارة، الذي يتعامل به تجار الدواء لن يعترض أحد على الزيادة في السعر .. “فلا تمنعوا الدواء من التواجد في الاسواق للمرضى” و”ولا تتاجروا بأعصاب الناس ولا أعمارهم”.
إذا لابد لتلك اللعبة من نهاية .. ولابد للمسئولين أن يستشعروا تلك المهازل ويوقفوها .. لابد من وقفه .. فالناس لم تعد تذرف الدمع بل أصبحت تنزف دمأ وقهراً.