مصر تستضيف المؤتمر الإقليمي لـ “مكافحة  غسل الأموال وتمويل الإرهاب بجرائم الفن والآثار”

القاهرة – البريمة

مصر تستضيف المؤتمر الإقليمي لـ “مكافحة  غسل الأموال وتمويل الإرهاب بجرائم الفن والآثار”، شارك الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، صباح اليوم،  في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الأول حول “مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في التحقيقات المعنية بجرائم الفن والآثار،”. و الذي نظمه وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، و ذلك بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.

وذلك بحضور المستشار أحمد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصر، السفير كريستيان بيرجر سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، و نائب وزير السياحة و الآثار  و المشرف العام على إدارة الآثار المستردة و المشرف على إدارة التعاون الدولي و الاتفاقات و المستشار القانوني للوزارة و عدد من الخبراء المتخصصون والأكاديميون  في مجال التراث و الممتلكات الثقافية، ونهب الآثار و انفاذ القانون من مختلف أنحاء العالم.

اهتمام مصر غير مسبوق لإعلاء قيمة ممتلكاتها الثقافية

وبين وزير السياحة والآثار  اهتمام مصر غير مسبوق لإعلاء قيمة ممتلكاتها الثقافية وزيادة وتعميق الوعى بقيمة إرثها الحضاري حيث قامت في السنوات الأخيرة بتخصيص ميزانية ضخمة وغير مسبوقة لمجال الآثار والمتاحف، حيث تم افتتاح عدد من المتاحف مثل المتحف القومي للحضارة المصرية وجارى الانتهاء من أعمال المتحف المصري الكبير، كما تم ترميم عدد من المتاحف الأخرى، بالإضافة إلى أعمال ترميم وصيانة الآثار من مختلف العصور سواء الإسلامية أو القبطية أو اليهودية، حيث  شرف هذا المتحف الذى أسس بتمويل مصري خالص بافتتاحه من فخامة السيد رئيس الجمهورية في أبريل 2021، تزامناً مع إقامة فعالية موكب نقل المومياوات الملكية، و التي استقرت في إحدى قاعاته، حسب بيان صادر عن وزارة السياحة والآثار.

وخلال كلمته، أكد الوزير على أن الإتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية يعد واحد من أهم التحديات التي تواجه مصر، شأنها في ذلك شأن دول عديدة من أصحاب الحضارات القديمة على مستوى العالم. وإنه ليس بخفىٍ على أحد أن سوق الفن والآثار، إلى جانب كونه ساحة للتداول غير المشروع للممتلكات الثقافية، فإنه يعد أيضاً ساحة مثالية لغسل الأموال.

الأعمال المزيفة قد يجلب مليارات من الدولارات سنوياً

وأشار إلى أنه وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، فإن ذلك السوق الذي يشهد تداولاً للواردات غير القانونية والأعمال المزيفة قد يجلب مليارات من الدولارات سنوياً، وتتم فيه عمليات غير مشروعة من عصابات الجريمة المنظمة وتعد ارتكاباً لجرائم عابرة للحدود. فجزء كبير من هذه الأموال يستند إلى غسل الأموال والجرائم المالية الأخرى، مشيراً إلى دور  أجهزة دولية مثل مجلس الأمن الذي قام بتوجيه عناية الدول الأعضاء إلى تنامى ظاهرة قيام الكيانات والتنظيمات والجماعات الإرهابية بالحصول على إيرادات من مباشرة أعمال التنقيب غير المشروع، ونهب وتهريب التراث الثقافي بمختلف أنواعه.

دستور الدولة الصادر في 2014

وأشار إلى أنه على الصعيد الوطني، فإن دستور الدولة الصادر في 2014 يعكس أيضاً مدى الاهتمام الفائق الذى توليه مصر بآثارها وتراثها الحضاري والثقافي، حيث تم تناول ذلك في عدد من مواد الدستور للتأكيد على اعتبار تراث مصر الحضاري الثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته ثروة قومية وإنسانية، وعلى التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، وصيانتها، واسترداد ما استُولى عليه منها، وكذلك حظر إهداء أو مبادلة أي شيء منها، واعتبار الاعتداء عليها والإتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم.

وأكد على أنه الدولة المصرية وقعت على معظم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة منها اتفاقية لاهاى لحماية الملكية الثقافية في حالة نشوب نزاع مسلح وبروتوكوليها (1954 ، 1999)، و اتفاقية اليونسكو بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية و التي مر عليها 50 عاما، و اتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، الاتفاقية المعتمدة من اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي، و اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2003.

توقيع عددٍ كبير من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم

وأضاف الوزير أن مصر قامت بتوقيع عددٍ كبير من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم مع كثير من دول الاتحاد الأوروبي، ودول عربية ودول من أمريكا الشمالية واللاتينية في مجال مكافحة تهريب الآثار واستردادها، بالإضافة إلى تشكيل اللجنة القومية لاسترداد الآثار المهربة أو التي خرجت بطرق غير مشروعة، بالتنسيق بين الجهات المعنية و النيابة العامة المصرية بهذا الشأن.

واستطرد حديثه حول نجاح  الدولة على مدار السنوات الأخيرة من استرداد آلاف القطع الأثرية والعملات المعدنية من دول للاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والنمسا والدنمارك وقبرص، ومن دول عربية مثل لبنان والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، ودول من الأمريكتين و وكندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.

من جانبه،  بين المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن مصر تعد دائمًا مطمعًا لارتكاب جرائم التهريب والإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، نظرا لما تنفرد به جمهورية مصر العربية من إرث حضاري عظيم خلّف لها ثروة من المعالم الأثرية .\

تطور الجريمة

وأضاف أنه مع التطور الرقمي الذي يشهده العالم، وتطور الجريمة لتصبح غير محدودة بقيود أو حدود جغرافية، باتت عملية مكافحة الجرائم المرتبطة بالممتلكات الثقافية من الموضوعات الهامة والمعقدة على مستوى العالم، ويعزى وجه التعقيد إلى درجة الاحتراف العالية التي يتبعها المجرمون في تنفيذ مخططاتهم؛ والآليات المتبعة لإخفاء المتحصلات المتولدة عن تلك الجرائم؛ لذلك فإن جرائم الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية ترتبط بشكل وثيق بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يستخدم المجرمون والإرهابيون طرق مستحدثة لغسل متحصلات جرائمهم وكذا جمع الأموال المستخدمة في العمليات الإرهابية.

ولفت المستشار أحمد خليل إلى أنه حرصًا من مصر على مواجهة تلك المشكلة، فقد اتخذت العديد من الإجراءات سواء فيما يخص ضبط تلك الجرائم أو التحقيق فيها أو ملاحقة مرتكبيها أو استرداد القطع الآثرية أو المتحصلات المتولدة منها.

استطاعت مصر أن تسترد 29 ألف قطعة أثرية

وخلال فترة 7 سنوات، استطاعت مصر أن تسترد 29 ألف قطعة أثرية، وذلك بالتعاون مع السلطات المختصة في عدة دول مثل “النمسا والدنمارك والكويت والإمارات العربية المتحدة والمكسيك وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وإنجلترا وقبرص والأردن وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية”.

وعلى صعيد آخر، وفيما يخص متابعة متحصلات تلك الجرائم وتدفقاتها عبر الوطنية، تقوم وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية من خلال التنسيق الدائم مع كافة الجهات الوطنية، بجمع وتلقي المعلومات المالية ذات الصلة بحالات الاشتباه المرتبطة بتمويل تلك الجرائم من الجهات المبلغة والجهات المعنية وتقوم بتحليلها وتبادلها.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك تعاون دائم بين الوحدة ووحدات التحريات المالية على مستوى العالم، من خلال عضويتها في مجموعة إجمونت لوحدات التحريات المالية، فضلًا عن توقيع مذكرات تفاهم مع الجهات النظيرة من أجل تسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية مع تلك الوحدات.

ومن الجدير بالذكر، أن أولى قضايا غسل أموال التي صدر فيها حكم بالإدانة في جمهورية مصر العربية، كانت الجريمة الأصلية المرتبطة بها هي جريمة (تهريب الآثار)، وقد صدر حكمي إدانة لمرتكبي تلك الجرائم، الأول لارتكاب جريمة تهريب الآثار والآخر لارتكاب جريمة غسل الأموال.

مكافحة جرائم الممتلكات الثقافية

وأكد المستشار أحمد خليل في ضوء ما تم ذكره سالفًا، أود أن أؤكد أن مكافحة جرائم الممتلكات الثقافية والأعمال الفنية تقع على عاتق كافة الأطراف، لذا فلابد من توافر التنسيق والتعاون الفعال على المستوى المحلي بين كافة الأجهزة المعنية، بما يشمل جهات الرقابة وجهات إنفاذ القانون ووحدة التحريات المالية وسلطات التحقيق والسلطات القضائية وغيرها من الجهات بما يسهم في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لملاحقة مرتكبيها واستعادة الممتلكات الثقافية والفنية.

ومن ناحية أخرى، فلابد من توافر التعاون على المستوى الدولي من خلال الاستناد إلى الصكوك الدولية المنظمة لهذا المجال؛ وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وقرارات مجلس الأمن ومن بينها القرار رقم 2347 لعام 2017 المعني بحماية التراث الثقافي في حالات النزاع المسلح، كما يتطلب الأمر توافر النية الصادقة لدى الدول التي تعبر من خلالها أو تستقر بها الممتلكات الثقافية والفنية المنهوبة في مجال الاستجابة لطلبات التعاون بما يسهم في مكافحة مخاطر انتقال تلك الممتلكات من دولة إلى أخرى وبالتالي صعوبة الوصول إليها.

لمزيد من أخبار البريمة على موقع الفيس بوك (اضغط هنا)

وأكد المستشار أحمد خليل أنه على ثقة أن هذا المؤتمر سيساعد على الوصول إلى خطط وتوصيات عملية تدعم التصدي الفعال لتلك الجرائم، كما سيعظم الاستفادة المتبادلة من خبرات الدول المشاركة فيه، وأكرر شكري لكافة الحضور على حرصكم على مشاركة في هذا المؤتمر، والعمل على تحقيق أهدافه.

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى