هالة الدسوقي تكتب لا .. للأجهزة “الغبية”

لم اكتب ثانيه “لم اكن اتخيل” فالواقع يفوق الخيال سواء السليم أو المريض!
ولن اضع في عيني العجب مره أخرى، حيث أصبح الغريب هو السائد … ولا عزاء للدهشة والاستغراب.
لماذا لأننا نعيش في عالم لا يحرك ساكن وآلاف من البشر يذبحون يوميا سواء أطفال ونساء وعجائز !!
إذا فكثير مما كنا نعتبره جريمة أصبح شيئا طبيعيا عاديا ولا غرابة فيه، فعندما تقرأ عن طالبة المدرسة الدولية وكم الهجوم الذي تعرضت له … فعليك رغم غليان الدم في عروقك، ألا تتعجب .. ولا تقل “لم أكن أتخيل حدوث ذلك في يوم من الأيام” .
فحسب كلام المنتمين لجيل المراهقين حاليا … كل ما يحدث من مٱسي نراها ونسمع عنها الفترة الأخيرة أصبح من الطبيعي .. بل أنهم يرونا – بعض الآباء – كائنات فضائية تسبح في سماء الفضيلة التي لا يعترفون بها .
ولا ابالغ إذا قلت إن السبب وراء كل ذلك “هذا الجهاز الصغير “، الذي اصبح يحمله الكبير والصغير، ذلك الجهاز الملوث بالدنو وانعدام الأخلاق ويعج بٱلاف المهرجين الذين يتحكمون بأخلاق هؤلاء المراهقين ويشكلون أخلاقهم وألفاظهم ويلونون مزاجهم .. فتكون النتيجة هؤلاء المسوخ الذين يتحينون الفرصة للهجوم على الضعيف منهم.
والصغير الذي لم يتلقى تربيه ولم يستقر في قلبه دين يفعل كل شيء .. واي شيء من اجل اللقطة .. من اجل تسجيل اللحظه ايا كانت هذه اللحظه.. تنمر .. استبداد .. عنف .. قتل .
ولمن شاهد فيديو الهجوم على فتاة المدرسة الدولية للأسف يسمع ولد يشجع تلك التي تشتم وتضرب وتكسر عظام زميلتها بقوله “اوعى وشك”.. وهي عباره تدل على الاعجاب، وقفوا يسجلوا الصراع دون أن يتحرك أحدهم لإنقاذ زميلته الواقعة على الأرض.
تلك الاجيال التي نضع ايدينا على قلوبنا مما ينتظر العالم من غالبيتهم .. ماذا يحملون هؤلاء للمستقبل ؟! وهم قد خلعوا كل معاني الرحمة والإنسانية والمروءة من قلوبهم.
والسبب كما قلت ذلك الجهاز الذي يحمل كل “الخبث والخبائث”، فهم يشاهدون فيديوهات تيك توك ويوتيوب تحوى كل رث وخبيث ودنيء وانعدام ذوق .. فماذا نريد من هذا الجيل الذي لا يملك الا ان يحني رقبته وييبس قفاه على تلك القاذورات ليلا ونهارا.
وعقابا للفتيات أصحاب الهجوم فقد فصلتهم وزير التعليم فصلا نهائيا والمشاهدين السلبيين من الطلاب فصل لمدة أسبوعين، وتلك العقوبات قد تكون عقاب لحظي لحادثة عابرة، ولكنها ليست حلا جذريا لما رأيناها من عنف في المدارس والجامعات -وحادثة انتحار فتاة جامعة العريش ليست ببعيدة- .. وما سوف نراه إذا استمرت تلك الأجهزة الذكية في أيد غبية تفتقر إلى الأخلاق والإنسانية.
إذا من رأيي لابد من منع الموبايلات منعا باتا من دخول المدارس، وتلك حاجة ملحة يفرضها واقع مؤلم، ولنا في سنغافورة مثال والتي جرمت مضغ اللبان لسنوات لما تسببه من تكلفة في نظافة الأماكن العمومية وكذلك مشاكل كبيرة أدت إلى توقف القطارات وتعريض الركاب للخطر، مما دفع الدولة لصدور قانون في 1992 لحظر استخدام العلكة.
ولنتخذ سنغافورة قدوة … فخطورة اللبان لا ترتقي لخطورة تلك الأجهزة البغيضة، التي تهدد أرواح أولادنا ولذا فعلينا حمايتهم من أنفسهم بتلك الطريقة ووضع قوانين صارمة لتطبيق ذلك ورصد غرامات لأولياء الأمور الذين يساعدون أولادهم على حمل تلك الأجهزة ا”لغبية” في المدارس.
الأمر جد خطير ويحتاج موقفا حاسما ورادعا لكل من تسول له نفسه باستضعاف غيره ونشر الرعب والرهبة في القلوب في أماكن من المفترض أنها تربي قبل أن تعلم.