معانا ريال .. تصور دا مبلغ عال !!

هالة الدسوقي

“معانا ريال .. معانا ريال ..  ده مبلغ عال .. مهوش بطال” .. أغنية تنطق بكل معاني السعادة لامتلاك الطفلة فيروز وأنور وجدي لمبلغ يقدر بريال في فيلم “ياسمين” الذي عُرض في الخمسينات.. وهو مبلغ في وقتها “عال العال” كما قالت كلمات الأغنية الشهيرة للثنائي الشهير.

اما الريال، لمن لا يعرف من الاجيال الجديدة، فهو عباره عن 20 قرش أي أقل من، المغفور له، الربع جنيه، والذي اختفى مؤخرا في ظروف غامضه فلم نعد نراه في معاملاتنا اليومية.

وكان هذا الريال .. ينقسم الى قسمين “بريزتين” .. والبريزة ، والكلام ما زال للأجيال الجديدة، تُقدر بـ 10 قروش .

بريزة

بريزة

وسبحان الله .. تلك البريزه التي هي نصف الريال كانت تنقسم أيضا إلى قسمين “شلنين” .. والشلن لمن لا يعرفه عبارة عن ٥ قروش … وكانت تلك العملات موجودة بالنوعين المعدنية أو الورقية.

شلن

شلن

وكان مصروفنا ونحن في الإبتدائية إما بريزه وهي الـ 10 قروش، كما ذكرنا، أو شلن وهو الـ 5 قروش.

وعندما انتقلنا للمرحلة الإعدادية .. كبرنا وكبر معنا مصروفنا .. وأصبح 25 قرش وهو الربع جنيه، وذلك لأن مدرستنا بعدت ولذا زاد مصروفنا، لأن تذكرة الاتوبيس وقتها كانت ب 10 قروش .. اذا الـ 25 القرش كانت تنقسم لـ 10 قروش ذهاب و 10 عودة ويتبقى معنا خمسه قروش.

واذكر موقف .. أني قررت واصدقائي ألا نستقل الاتوبيس .. ونقطع  المسافة من  مدرستنا لبيوتنا سيرا على الاقدام، وهي مسافة تزيد على الـ 9 كم، منها ننقذ أنفسنا منذ زحام الأتوبيس ومضايقاته، وفي نفس الوقت نوفر الـ 25 القرش لنأكل بها الكشري .. وجبتنا اليومية المفضلة.

وكانت لنا صديقة تتقاضى مصروف 50 قرشا أي نصف جنيه، وكانت تشتري به كاملا كشري .. فكنا نقول لها يا بنت الأغنيا !!

وفي مرة من المرات .. استقل أخي الأتوبيس ذو تذكرة بقيمة 25 قرشا، ففُجع صديقا له، وصرخ فيه أمام كافة الركاب: انزل بسرعة يا ابني… إنت اتجننت ده الأتوبيس أبو ربع جنيه !!

وكان الجنيه .. ذو شخصية اعتبارية وذو شأن يُحترم، وكان ذو هيبة و”مالي مركزه” .. قبل “ما تيجي عليه الأيام” وتحط من شأنه ليصبح “المسكين” في ذيل العملات … ويا حبيبي عليه دائما “سقعان ” “مبلول” من كثرة مرات تعويمه … ويا “حسرة عليه” من البلل “كرمش” وصغر قيمة ومركزا وحجما .

وبمرور الوقت .. اختفت عملات وظهرت غيرها، فكلما قلت قيمة العملة تتراجع تدريجيا حتى تختفي للأبد .. ومن ثم تظهر أخرى كبيرة ذات قيمة أعلى ولكن في ورقة واحدة كالـ 200 جنيه … تلك “المزعومة المجنونة” التي  تخرج من جيب أحدنا فتتطاير منه دون سابق إنذار.

وفي وقتنا هذا ..  وقت انكماش عملتنا وتضخم أسعار كافة حاجيتنا .. مهما اصطحب الفرد من فلوس ليشتري طلبات البيت .. حتما سيعود صفر اليدين .

رحمة الله على عملتنا الوطنية التي كانت في وقت من الأوقات أعلى عملة على وجه الأرض .. ولا عزاء للمواطنين.

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى