دراكولا “الدارك ويب” يُرعبنا ويطارد فلذات القلوب

هالة الدسوقي

كلما نسينا جرائم تجارة الأعضاء البشرية تطل علينا جريمة بشعة تؤكد لنا أن الأمر مازال قائما وأن عصابات “دراكولا” تعيث في الأرض فسادا وتزهق الأرواح وتمتص الدماء وتبيع الأعضاء لمن يمتلك المال.

وكل جزء من أركان أي جريمة من تلك الجرائم مرعب في حد ذاته، تصيب رؤوسنا بالدوار، ولا نستطيع الإجابة على السؤال المحوري في تلك الجرائم كيف يمكن حماية أطفالنا من هؤلاء الفجرة ؟ وكيف يٌرد حق ضحايا تلك الجرائم من أطفال أبرياء؟

الموضوع في غاية الصعوبة وعندما يتعلق الأمر بالروح فالقضية لا تحتمل التأجيل، ولابد من سيف قاطع يبتر أي طرف يفكر في تهديد أمن أطفالنا بل حياتهم.

قصة طفل شبرا الذي تم العثور عليه وهو مشطور نصفين بالطول ومنزوع الأحشاء أبشع من أن تُوصف بالجريمة ولو أن هناك وصف يفوق كلمة ” جريمة ” لأستحق أن يطلق علي هذه الحادثة الشنيعة.

وكما قلت .. كافة أركان الجريمة مرعب، فالقاتل ارتكب الجريمة بسهولة ودون تردد وووثق ارتكابها بالصوت والصوت لعرضها لاحقا على مواقع تجارة الأعضاء، ولا أدري أيحتوى جسد هذا المجرم على عضو يطلق عليه “قلب” .. لا أعتقد فقد مات قلبه وضميره .. ونبض عقله بتكتيك شيطانه ليدبر ويخطط وينفذ هذا الجٌرم البشع.

الجزء الثاني من تفاصيل الجريمة يخص الضحية وسهولة استدراج المجرم له وخداعه ليرافقه إلى مسكنه لازهاق روحه، ويتضح هنا الثقة التي وضعها الضحية في غير موضعها.

الركن الثالث من أركان تلك الجريمة هي المٌحرض على ارتكاب الجريمة أو العقل المدبر أو “دراكولا” قائد عصابة تجارة الأعضاء وهو طفل أيضا في عمر الضحية يبلغ من العمر 15 عاما، أجاد العمل على شبكة الإنترنت من خلال ما يُطلق عليه “الدارك ويب” والوصول لمواقع مافيا تجارة الأعضاء والعمل معها وهو في تلك السن.

والملاحظات حول هذا المجرم كثيرة ، مثل كيف لطفل أن يصبح قائد لعصابة ويوجه ويدبر ويخطط للعديد من جرائم القتل؟  أين الرقابة على طفل يمتلك جهاز يفسد أكثر مما يُصلح ؟ ألهذا الحد تراجعت الرحمة في قلوب الأطفال واختفت القيم وغاب الخوف من الخالق والوالد والقانون و و و ؟  أسئلة كثيييرة لن تنتهي بخصوص هذا الولد.

أما أهم سؤال في الموضوع أن هؤلاء المجرمين لا يخافون العقوبة ولا يرونها .. حتى يفكروا ألف مرة ويراجعوا أنفسهم قبل الاقبال على الجريمة، لأن العقاب بالنسبة لهم معدوم، ولكن إن كان العقاب موجود ومن جنس العمل لكانوا هؤلاء فكروا ألف مرة قبل أزهاق تلك الأرواح البريئة.

نعم .. المفترض أن تكون العقوبة من نفس جنس العمل حتى لا نظل نعيش كل هذا الرعب.. وأتساءل أين يمكن أن يجد الأطفال الأمان ؟ وهو قد اختفى .. فمؤخرا قتل المدرس تلميذه .. وارتكبت طفله جريمة قتل في حق طفلة تصغرها .. والولد يقتل أمه .. والوالد يقتل أسرته .. ومُحب يقتل محبوبته علنا .. وأخر يذبح غيره ظهرا و و و .. إنها فوضى القتل تحيط بنا !!

اللهم ألطف بنا .. فشبح فوضى القتل أصبح جاثما على صدور الجميع وازدحمت الدنيا من حولنا بكثير من الجرائم البشعة، ولذا لابد من وقفه ومن قبضة من حديد ونار تكوي كل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم .. نعم الشدة والحزم أدوات إعادة الأمان مرة أخرى لحياتنا.

كما أن عالم الانترنت هذا السم الخطير في أيدي أطفال لابد وأن نحجمه .. لأنه ببساطة شديدة يسيطر على عقولهم ويسحرهم ويسحبهم لعوالم لا نعلم عنها شيئا .. ولذا فخطورته تفوق كافة أنواع المخدرات .. تلك الأجهزة لابد أن يُقنن استخدامها ولا يسعى الآباء لتزويد أطفالهم بها من باب الاستعراض فضررها يفوق نفعها …

أيضا توعية الأطفال من عدم الاستسلام لأي فرد يخدعهم بأي حجة كانت فلا أمان يٌرجي في أيامنا تلك، ولذا لابد أن يزيد الآباء من وعي أطفالهم وتحذيرهم من انفراد أحد – مهما كان – بهم ..

ولكن مع كل هذا .. فقلبي ما زال يرتعد خوفا ويعتصر قلقا فالأمر جد عظيم، ومهما حذرنا فالحافظ هو الله – وهو ما قلته لأطفالي – فالحامي والحافظ هو الله ولذا فلنُعلم أطفالنا ذكر الله والتحصن بالأذكار صباحا ومساء. فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *

*سورة يوسف الآية (64)

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى