رجال ولكن !! (1)

هالة الدسوقي

[email protected]

رجال ولكن بخلاء .. أكتب هذه المرة بناء على طلب الكثير من السيدات وأيضا بعض الرجال، عن موضوع يمس حياتنا اليوم بشكل ملحوظ وملموس، فالكثير من البيوت أصبحت برب بيت ذو طباع خاصة لا يستوعبها عقل، وزوجة مطحونة مع شخص يطلق عليه مسمى رجل، وهو أبعد ما يكون عن هذا المسمى.

وما يثير العجب والغيظ والحنق .. أنهم فئة ليست بالقليلة مما جعل وجودهم ظاهرة وأفعالهم كارثة.. فحالات كثيرة تنطق بالحيرة تكررت ومازالت تتكرر في ظل تراجع الاخلاق والقيم والمبادئ.

 

وأول صفات هؤلاء الذين يطلق عليهم رجال “البخل”، والبخل مرض لا يُشفى منه صاحبه، وإن عانى أحدهم منه فيكون بخيل في كافة جوانب الحياة المادية والعاطفية والأخلاقية.

وهذا ليس بصميم موضوعنا فمن تعيش مع شخص يجري في دمه البخل..فهي حقا في غاية البؤس وسيئة الحظ لأنها سوف تعيش معه في جحيم .

 

أما موضوع حديثنا اليوم فهو “البخل من جانب واحد وعلى مستوى واحد”، ألا وهو البخل في جانب الزوجة القائمة على راحته وخدمته ليل نهار .

 

فتلك الشخصية تظهر أمام الناس سخية كريمة، لكنها عند التعامل مع الزوجة يحسبها بـ”السحتوت”.

 

ولقد تعددت صور بخل الزوج، فنجد أنه وقبل اتمام الزواج أو التفكير فيه يشترط -في العروس أن تكون إمرأة عاملة، فتكون فتاة أحلامه زوجة ووزيرة مالية تنفق على منزل على رأسه .. ما يطلق عليه “رجل”!

 

فهي تشارك في مصروفات المنزل، أو تتحمل هي كل مصروفات المنزل .. و”البيه” إمأ أن يدخر أمواله أو ينفقها على من يرغب من أصدقاء ومعارف أو مزاجه الخاص.

 

تلك نوعية موجودة ولا أحد ينكر وجودها الآن، وقديما كنا نرى الزوج الذي ينتفض وتنتفخ أوداجه عند ظهور المال من جانب أهل الزوجة عند مرضها أو لحدوث أي طارئ، فيزبد الزوج ويرغي ويقول بالفُم المليان .. “مراتي محدش يصرف عليها غيرى” .. الآن انقلبت الآية إلى ” أي حد يصرف عليها غيري”.

 

والأمثلة كثيرة منها نماذج واقعية وليست من وحي الخيال … أعرف سيدة زوجة لمليونير ورث عن أبيه ثروة تتعدى المليون جنيه ويمتلك عقارات ومحلات، ويعطي زوجته بحساب ويجعلها في آخر المطاف تلجأ لبيع دبلة الزواج من أجل دروس أبنائها.

 

وهذه قصة من الواقع لإمرأة  عاملة يرى فيها زوجها “الدجاجة التي تبيض له ذهبا” فيعاملها بلؤم شديد، ويدعى العوز من أجل أن تنفق هي من مالها الخاص، وهو يكنز ما يملكه وينفقه في جهة آخرى.

 

وبخبثه الشديد يدعى أنها تأخذ من وقت المنزل فعليها تعويض هذا الوقت بالوضع من مالها الخاص في مصروف المنزل، ويصبح الحال أنها تنفق وهو يشاهد..ويستمتع بممارسة سلطته على زوجة “بلهاء” تمثل له زوجة وخادمة وأم لأولاده وبنك في نفس ذات الوقت!! الكل في واحد و”تنبل باشا” هو الريس الذي له حق الإدارة فقط دون مساعدة تذكر إن حدثت تكون معجزة يتحاكى بها طيلة حياته.

 

ولعل فرحة بعض الأهالي بزواج ابنتهم .. وحبهم في عدم حرمانها من شيء وإعطاءها المال وتزويد بيتها من كل ما يحتاجه مما لذ وطاب ومن الكساء مما جد وساد ومن كافة ما يخطر على بال…. ابنتهم تزوجت !!

 

وهنا يحل الأهل محل العمل بالنسبة لربة البيت، فنرى الوضع كالتالي: زوج يوفر مرتبة وأهل زوجة يقومون بالواجب وزيادة من مصروفات لا تنتهي أبدا، وهم لا يمتعضون ولا يحزنون لذلك، حيث يرون أن سعادة إبنتهم من سعادتهم.

 

بل أن هذا الحال في بعض الأحيان يكون مُسلم به من جانب الزوج، بل ويطالب الزوجة بمطالبة أهلها بالمزيد والمزيد، وتصبح “البجاحة” سيدة الموقف.

 

وكمثال حي على ذلك .. حكت لي إحدى الزوجات أن زوجها كان يعطيها  – منذ عام تقريبا – مصروف البيت 20 جنيها، والزوجة مطالبة بإطعامه لحوم يوميا!! وهو غير مطالب بزيادة المصروف في أي حالة من الحالات، بل أن الأمر تطور إلى أنه حينما يجد معها أموال يتهمها بسرقته !! وأن الأموال التي تمتلكها هي من جيبه الخاص!! ويأخذها عنوه، وإن اعترضت فلا جزاء لها سوى الضرب المبرح أمام أولادها !!

وهذه قصة واقعية أخرى لزوج آخر، تعمد تقطير الانفاق على زوجته الأولى وأولادها، وبكل بجاحة يبرر لها تضيقه عليها بأنه ينفق على منزلين!! وهو على علم تام بأن الزوجة تلجأ لأهلها لينفقوا بدلا منه، بل أنه لا يعطيها ما يكفي الأكل والشرب في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني، ولكن عندما تفاقم الأمر ومواجهة أهل زوجته له نكر جميلهم وقام بمهاجمتهم وإدعاء معايرتهم له.

 

كل ما سردناه كوم وما يحدث عن فراق الزوجين كوم آخر…. هنا يظهر الشح بكل ما تحمله الكلمة من معاني، بعض الأزواج ولعلهم الغالبية يتحايلون للتضيق على أم أولادهم ويقومون بكافة الحيل لإعطاء أولادهم أقل القليل.

 

فوقت الانفصال ينسحب ماديا تماما من حياة أولاده، بل يتفنن لإظهار “فقره” و”قلة حيلته”.. بمفردات مرتب لا تليق بـ”شحات”، من أجل إلقاء الفتات لأولاده فيصبح مهمة الأم تربية الأولاد بكافة مهامها الصعبة للغاية بجانب الجري في المحاكم والصبر على مضايقته ومضايقة الكثيرين في المجتمع، ثم يأتي دور الإنفاق !!

 

والأمثلة لا تعد في هذا المجال، فهناك نوعيات لا أستطيع أن أصفها ..فهم ذكور ليس لهم علاقة بالرجولة، منعدمين الضمير.. لم يمروا في حياتهم على شيء يسمى مروءة ..ولم يقابلهم في حياتهم مباديء ولا أخلاقيات.. فيكون مجملهم “مسوخ” لا تخاف الله ولا يخطر في بالهم أنهم سوف يقابلونه يوما.

 

في هذه الحالات تصبح الأم هي كل شيء لأبنائها ..الأم والأب ومصدر الرزق.. فهي تربي ..وتخرج للعمل وتواجه الحياة ..وتحارب الدنيا من أجل ألا تضحي بحياة هؤلاء الذين ولدوا لأشخاص لا يستحقون الحياة ووجودهم أسفل ترابها أشرف لهم وأرحم لكثيرين على رأسهم أولادهم، لكن لحكمة يعلمها الله أبقى على وجودهم رغم أنهم عديمي النفع بل أذاهم أكثر من نفعهم.

 

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى