انهيار أمريكا !

هالة الدسوقي

أمر جلل يحدث الآن في الولايات المتحدة الأمريكية – والتي ربما تفقد هذا المسمي قريبا-  ولعل هذا الحدث هو أول خطوات تفكك لدولة كبرى طاغية ظالمة طالما جسمت على صدور الدول المستضعفة، وهي رأس الأفعى للكيان الصهيوني الذي يبيد حاليا شعبا كاملا دون هوادة ودون وجه حق.

وكانت ولاية تكساس قد أعلنت عن نيتها الانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية عقب خلافها مع إدارة بايدن حول حماية حدودها .

ولقد كتبت مقال بعنوان “تفكك أمريكا” عام 2017، عند تولي ترامب رئاسة أمريكا، وهذا ما آتى فيه:

“سوف تتفكك أمريكا ..وتنهار تلك الدولة” ….. هذا تأكيد لأحد أساتذتي وأنا  بالصف الثاني الثانوي…. مازلت أذكره وأذكر أمنيته جيدا … لم أنساه لأنه من المدرسين المعدودين الذين يجعلون الطلبة يحبون مادتهم، لأنهم يدرسون بضمير ويتعاملون مع المادة بمنتهى الحب، فيجعل الطالب يستمتع بمذاكرة مادته لتتحول من كلمات مرصوصة في كتاب إلى حياة كاملة يُخرجها ويحدد ملامحها هذا المدرس الفذ.

أما بالنسبة لأمنيته .. فاعتقد أنها أوشكت على التحقيق وأؤكد أنها ليست بالبعيدة، لأننا في عالم يتغير بالثوان، فمن كان يصدق ما حدث من تطورات مروعة بالمنطقة العربية خلال العقد الأخير، وهو ما لو حَدَثَك أحدهم بأنه رآه في منام لوصفته بالجنون.

أما الذي يجعل انهيار أمريكا ونهاية سيطرتها على العالم وشيكة فأسباب عديدة، لعل أولها وهو ما يؤكده إيماننا  “سنة الله في أرضه”، فالسيادة والسيطرة لا تستقيم لأحد دائما وأبدا، فالتقلب وتغير الأحوال وتبديل الأدوار هو الحقيقة الواضحة التي لا شك فيها.

ويطالعنا تاريخ البشرية بموت وانتهاء حضارات وممالك وامبراطورايات وقوى عظمى ودول كبرى أقربها كان روسيا الاتحادية، إذا فدولة مثل أمريكا ليس بأبعد ممن سجلت صفحات التاريخ قوة قبضتهم على الجميع وتحكمهم في مصائر دول العالم.

أما السبب الثاني .. فهو أقوى سبب للقضاء على أي قوة مهما بلغت غطرستها وتكبرها وغرورها، ألا وهو “الظلم”، ولو عدنا لنشأة هذه الدولة فسوف نرى أنها قامت على أشلاء الهنود الحمر، حيث سعوا إلى إبادتهم ومحوهم من على وجه الأرض، حتى من بقى منهم على قيد الحياة جعلوا أصوله سُبه على جبينه وعار يحاول أن يخفيه مخافة العنصرية الخانقة، رغم أن الهنود الحمر كانوا أكثر تحضرا وأرفع أخلاقا من المستعمر القادم من “أوروبا” القارة العجوز، لكنه للأسف لم يصمد بنِباله ونُبله أمام البنادق والحقارة والخسة.

وإن كانت هذه الدولة قد أسست لإقامتها بالظلم، فهو بالنسبة لها منهج حياة، وعلى مدار سنينها المعدودات ظلمت كثيراً من دول العالم وتحكمت في مصير شعوبها وأقواتها وحرياتها، وحتى وإن لم تقم بالظلم مباشرة فكانت تُعين عليه وتقف بجانب أصحابه وتدعمهم، وخير مثال على ذلك ربيبتها المدللة التي يطلقون عليها “إسرائيل”.

وإن لم تظلم ولم تساعد على الظلم، فهي تغض الطرف على ظلم أناس لا يهمها وجودهم في العالم أو أن وجودهم يتعارض مع مصالحها بشكل أو بآخر، وأقصى ما يمكن أن تفعله أن تعرب عن أسفها البالغ في حق الشعوب المظلومة التي تُباد على مرأى ومسمع منها ومن دول العالم أجمع … هذا إن تذكرتهم من الأساس.

ومن أصدق من الله سبحانه وتعالى، حيث أبان لنا نهاية الظالمين في كتابه العزيز، حيث قال عزوجل” وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ” سورة الكهف (آية 59) ، وقال تعالى: ” وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرً” سورة الإسراء (آية 16).

 

ولعل مواصفات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، تؤهله أن يكون من يأتي على يده التفكك والانهيار، وهي الصفات التي قابلها الملايين بمعارضة ورفض منقطعين النظير داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهو القائل في أحد أحاديثه :” عندما تكون أمريكا موحدة فلا شيء يقف في وجهها على الإطلاق”.

والوحدة ليست بالشيء المضمون كما يظن ويحلم هذا الترامب، فلو علمنا أنه منذ عام 2012 والعديد من الولايات تطالب بالاستقلال وكانت وقتها 15 ولاية، فليس من العجيب أن يزداد العدد وتظهر ولايات أخرى في ظل حكم هذا الرئيس لتنخلع عن سلطته وتسلطه.

كل شيء وارد وما أعرفه جيدا أنه لو حدث ذلك فسوف يقع الخبر على قلوب الملايين من المظلومين بالسكينة والطمأنينة .. وينتظر العالم ظهور قوة جديدة تتسلم مقاليد الأمور.

وكنت أتمنى لو كان حال بلادنا العربية والإسلامية غير هذا الحال .. ولكن لا مانع من الأحلام ..فبعد الكبوة يأتي النهوض والاتحاد .. لعل وعسى …..

وكم تعجبني هذه المقولة “مجنون  .. من يؤمن بوجود خالق لهذا الكون ثم يعتقد أن هناك مستحيل”.

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى