يوم لك .. والآتي عليك

هالة الدسوقي

“اللي يعيش ياما يشوف .. واللي يمشي يشوف أكتر” مثل شعبي يتردد على ألسنة الكثيرين ممن أذاقته الدنيا عجائب ما تحوي في أركانها..

فكلما تحركت من مكانك لتجوب نواحيها سعيا وراء رزق أو طلبا لمصلحة أو تلبية لحاجة، إلا وصادفت ما لم يصوره لك عقلك وأنت في حدود مكانك.

ومن العجب أن يتحكم في البشر .. بعض البشر .. ممن هم ليسوا بالرُتب الخطيرة ولا والوظائف الرفعية .. ويجعلون الناس يخرجون من شعورهم ويصيبهم اكتئاب، بسبب طريقتهم البغيضة في المعاملة.. وجفاء قلوبهم وشدتها ولا يقدرون حاجات الناس ومشاعرهم.

والأمثلة لا تعد ولا تحصي .. فتلك سيدة تطالب بحقها أولاد من أبيهم بعد انفصالهم، ومن أجل ذلك لابد وأن تحصل المحكمة على ورقة مختومة من جهة عمله تثبت دخله .

وعند توجه الأم لمقر عمله قابلتك أحد المحاسبين لتجد فيه مثال على العجرفة والتعالي بشكل منقطع النظير، فلا يسمح لها بالحديث ولا شرح ما أتت من أجله، ليوجه الحديث بسماجته إليها .. ويعدد الأسئلة التي ليس لها علاقة بصلب الموضوع وكأنه نصب نفسه وكيل نيابة.

وفي النهاية، صرفها وهي تغالب دموعها، كاذبا عليها ناكرا لوجود صاحب العمل، وهي ما اكتشفت وجوده عندما سألت عليه، فكانت من الفطنة ألا تثق في كلام مثل هذا الشخص.

وهنا طلبت مقابلة صاحب العمل، الذي رحب بمقابلتها.. وهو شخص يتمتع بالذوق العالي .. سمع لها دون مقاطعتها مثلما عمل موظفه، ورحب بها وناقشها في الأمر.. وقتها تعجبت لأمر الغفير الذي تعالى وتكبر، وسعدت بالوزير الذي تمتع بخلقه العالي وذوقه الرفيع.

وعلى نفس المثال، وجدت عند مكوثي لفترة في أحد المستشفيات الكبرى بالقاهرة..أن بعض الممرضات يعاملن المرضى بتعالى وتكبر .. ويتأففن منهم وكأنهن مجبرات على عملهن، وفي المقابل يتمتع الكثير من الأطباء بذوق واتساع صدر يريح المرضى.

ولكم أن تقيسوا على هذين المثالين الكثير والكثير من الأمثلة، التي نجد فيها بعض ممن يتقلدوا وظائف بسيطة يركبوا الموجة .. ويهووا تعذيب البشر،  بينما بعض من يتقلدون وظائف أعلى أو في مراكز ذات ثقل لم يصيبهم مرض التكبر أو التعالي.

وفي النهاية من يصيبه مرض الغرور ما هو إلا ترجمة لشخصية ضعيفة تعاني  انعدام ثقة يعكسوها في شكل فظاظة تجاه الآخرين تورثهم الكراهية من الجميع.

ولا أدل على بغض هذه الصفة أصدق من كلام الله سبحانه وتعالى، الذى توعد المكتبر والمتعالى على الناس، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار).

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى