الجلابية ونادي الصيد

هالة الدسوقي

حادثة وقعت أمام عيني، لعبت فيها العنصرية دور البطل، فضمن مباريات الدوري العام المصري للناشئين تستقبل نادي الصيد بالدقي الفرق المشاركة بالبطولة للعب على ملاعبه، ومن البديهي أن يتوجه بعض اللاعبين بصحبة أبائهم أو أمهاتهم، وكان من ضمن المتوجهين معنا لنادي الصيد جد أحد اللاعبين بصحبة حفيده.

وعند دخولنا من باب النادي انتفض أحد رجال أمن البوابة ليشهر في وجهنا كلمة “ممنوع”،  وهنا دار رأسي ..وامتلأ بالتساؤلات، ما هو الممنوع؟ أممنوع دخولنا لنادي “عِلية القوم”، وكيف وقد أخبرنا جدول المباريات بأن الماتش سوف يقام على أحد ملاعب نادي الصيد.

ولم أنتظر طويلا حتى اتضحت الصورة لم يكن الكلام موجه لي بل للجد !!.. فدخوله ممنوع وهو يرتدي الجلابية !!

رجل الأمن : ممنوع ياحاج.

الجد: هو أيه اللي ممنوع !!

رجل الأمن: ممنوع دخولك بالجلابية يا حاج.

الجد: أومال أدخل إزاي .. بالكالسون!!

رجل الأمن: هات ترنج وادخل يا حاج.

وهنا اتفق الجد أنه سوف يدخل ولكن دون الجلابية ودخل إلى أحد الحجرات على بوابة النادي .. وتركنا الجد وسط حيرة كبيرة .. ماذا سوف يفعل؟ وكيف سيواجه هذا الموقف ؟؟؟

وهنا كانت المفاجأة .. خرج الجد بطقم “الكالسون” ليرضى عامل الأمن ويتبع قواعد نادي “علية القوم”، ومشى الرجل ذو “الواحد وسبعين عاما” وهو بطقم “الكالسون الداخلي” متخليا عن شاله شديد البياض الذي كان يضعه على رأسه، حتى لا يترك حفيده بمفرده، حتى ينتهي من اللعب.

وهذا الرجل قد قطع مسافة كبيرة لمصاحبة حفيدة حيث أتى من بلد أبعد من القناطر الخيرية، استيقظ من الرابعة فجرا لهذه المهمة، فما كان في انتظاره سوى تعريضه للبرد والاحراج معا.

ومنذ كنت طالبة في مدرسة جمال عبد الناصر بالدقي المواجهة للنادي ونحن نتحدث عن “علية القوم”، وأن اشتراكه أعلى اشتراك في مصر، وكنا نردد أن اشتراكه 100 ألف جنيه..وكان وقتها مبلغ له كل الاعتبار والتقدير.

وبالطبع فإن نادي الصيد من الأندية الارستقراطية في مصر ، ويصل اشتراكه في وقتنا الحالي إلى ما يقرب من 700 ألف جنيه، ومن قواعده منع ارتداء الجلباب نهائيًا.

والسؤال فيما تضير الجلباب؟ وهو زي الأمراء والملوك في دول الخليج وهي أغنى دول العالم ويتواجدون في كل المحافل الرسمية الدولية، فهل تم طرد أحدهم من منظمة كالأمم المتحدة مثلا أو الاعتراض على زيه؟ّ!!

وفي مصر، كان من نواب مجلس الشعب الفلاحين والصعايدة ومنهم يرتدون الجلباب تحت قبة البرلمان، كما كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يحب ارتداء الجلباب والعباءة والظهور بهم في وسائل الإعلام دون حرج ولا شعور بالنقص.

وهل يفتقر أعضاء نادي الصيد وإدارته لأقارب يرتدون الجلباب؟ فمن المؤكد أن لهم جذور تعود للأرياف وأقارب من “البلد” كما نطلق نحن على سكان الريف، فهل يلبسون غير الجلباب؟ وصاحب هذا الجلباب قد يكون الأخ أو الأب أو الجد.

ولا ننسى فضل أصحاب الجلباب وهم من يزرعون ما يأكلونه إدارة وأعضاء نادي الصيد وغيرهم لتستمر الحياة، لكن العنصرية تأبى الاعتراف بأفضالهم يوالنظر لهم بدونية واضحة وصريحة تفوح بشكل فج في نادي الاستقراطيين، الذين يطلون على الجميع من برج عاجي.

[email protected]

hala El Desouki

"هالة الدسوقي .. صحفية ورسامة الكاريكاتير.. خريجه كلية الإعلام جامعة القاهره.. وخبره ٢٠ عاما في العمل الصحفي.. عملت في أكثر من موقع منها موقع محيط وعشرينات وجريدة المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى